الفاكهة التي نهانا الرسول عن أكلها ومع ذلك فالكثير منا يتناولها

إنها الفاكهة التي أحبّها كثير من الناس بشراهة في هذا الزمان، وتفنَّنوا في أكلها في كل وقت وحين، إنّها الفاكهة التي أصبحت تسلي الناس في أوقات فراغهم، فضلاً عن ساعات عملهم. إنّها الفاكهة التي يأكلها الغني والفقير، إنها الفاكهة التي حرّمها الله في كتابه الكريم، ووصف آكلها بأبشع صفة، ونهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن أكلها. هل عرفتموها؟ إنَّها الغيبة التي نعتها الحسن البصري بفاكهة النساء، لكونهنَّ أكثر من يحبها ويتناولها بشراهة، مع أنَّها أصبحت فاكهة للكل رجالاً كانوا أو نساءً.
  
تعالوا إخوتنا المسلمين نشغل أنفسنا بذكر الله بدلاً من الخوض في أعراض الناس، ويكفي أن الله تعالى قال فيها:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)الحجرات:12. وقال رسوله صلى الله عليه وسلم :"إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار". رواه مسلم.
فتالله كم بألسنة المغتابين عُبد غير الله تعالى، وكم بهذه الألسنة حُكم بغير حكم الله تعالى، وكم بهذه الألسنة أُحدثت بدع، وأُدميت أفئدة، وقُرحت أكباد، وكم بهذه الألسنة قطِّعت أرحام، وكم من أوصال تحطَّمت، وقلوب تفرقَّت، وكم بألسنة المغتابين نزفت دماء، وقُتل أبرياء، وعُذب مظلومون، وكم بهذه الألسنة طُلّقت زوجات، وشرِّدت أمَّهات، وقذفت محصنات، وكم من أموال أُكلت، وأعراض اُنتهكت، ونفوس زهقت.

قال الإمام النووي في بيان معنى الغيبة: "ذكر المرء بما يكرهه، سواء كان ذلك في بدن الشخص، أو دينه أو دنياه، أو نفسه أو خلْقه أو خُلقه، أو ماله أو والده أو ولده، أو زوجه أو خادمه، أو ثوبه، أو حركته، أو طلاقته أو عبوسته، أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته باللفظ أو الإشارة أو الرمز. ومن الصور التي تعد في الغيبة ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومنهم من يخرج الغيبة في قالب تمسخر ولعب ليضحك غيره باستهزائه ومحاكاته، واستصغار المستهزأ به، ومنهم من يخرج الغيبة في قالب التعجب، فيقول: تعجبت من فلان كيف لا يفعل كيت وكيت، ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت، وكيف فعل كيت وكيت، فيخرج اسمه في معرض تعجبه، ومنهم من يخرج الاغتمام، فيقول مسكين فلان غمَّني ما جرى له وما تمَّ له، فيظنُّ من يسمعه أنَّه يغتمَّ له ويتأسف، وقلبه منطو على التشفي به، وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه، ومنهم من يظهر الغيبة في قالب غضب وإنكار منكر، فيظهر في هذا الباب أشياء من زخارف القول وقصده غير ما أظهر".
وأما بواعث الغيبة فهي: قلة التقوى وضعف الورع والإيمان، وموافقة أقران وجلساء السوء ومجاملتهم، والحنق على إخوانه المسلمين وحسدهم والغيظ منهم، وحبُّ الدنيا والحرص على السؤود فيها، وطلب الهزال والضحك والمزاح. والغيبة كما هو معلوم حرام شرعاً بإجماع أهل العلم، وهي من الكبائر عند جمهور أهل العلم، لما جاء فيها من الوعيد الشديد في القرآن والسنة. أسأل الله تعالى أن يشغلنا بذكره وطاعته، ويطهر ألسنتنا من كل ما يغضبه عز وجل.. اللهم آمين.

هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ÇÍÏË ÇáÊÚáíÞÇÊ

جميع الحقوق محفوظة المجتهد للثقافة ©2014-2013 | ، سياسة الخصوصية . Privacy-Policy| أنضم ألى فريق التدوين